4 نوفمبر، 2025

Connect with Us

ملف مطلبي لشباب المغرب: من أجل تفعیل العقد الدستوري

  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
  • 6

تقدیم : نداء جیل من أجل المستقبل
إن ھذه الوثیقة لیست مجرد بیان احتجاجي، بل ھي مساھمة وطنیة جادة ومسؤولة، یقدمھا جیل
الشباب المغربي، وھو الجیل الذي نشأ في ظل دستور 2011 وتربى على طموحات مغرب جدید. لا نقدم
أنفسنا كفئة مھمشة أو ساخطة، بل كقوة حیة وفاعلة تسعى لتفعیل الإمكانات الكاملة للوطن، وتطالب
بتجسیر الھوة السحیقة بین المغرب الذي تعد بھ النصوص الرسمیة والمغرب الذي نعیشھ یومیا. إن مطالبنا
لیست سوى خارطة طریق عملیة لسد ھذه الفجوة، انطلاقا من إیماننا الراسخ بأن المستقبل لا ینتظر، بل
یبنى بالجدیة والمسؤولیة. نؤكد من خلال ھذا الملف المطلبي التزامنا المطلق بثوابت الأمة الجامعة، كما
یحددھا الدستور، والمتمثلة في الدین الإسلامي السمح، والوحدة الوطنیة متعددة الروافد، والملكیة
الدستوریة، والاختیار الدیمقراطي.
أولا : العقد الاجتماعي استنادا للثوابت الدستوریة والتوجھات الملكیة السامیة
إن مطالبنا لا تنبع من فراغ، بل تستمد قوتھا من دستور المملكة الذي یمثل العقد الاجتماعي بین الدولة
والمواطنین، والخطابات الملكیة السامیة التي تؤكد مشروعیتھا. نحن لا نطالب بما ھو خارج عن القانون
أو متعارض مع التوجھات العلیا للدولة، بل نطالب بالتفعیل الكامل والجاد لما ھو مكفول وموعود بھ.
1.1 الدستور كوثیقة للحقوق والواجبات
إن دستور 2011 لیس مجرد نص قانوني مجرد، بل ھو عقد اجتماعي ملزم لجمیع الأطراف. ومن ھذا
المنطلق، فإن مطالبنا تستند إلى فصول واضحة وصریحة تكرس حقوقا أساسیة وتحدد مسؤولیات السلطات
العمومیة.
الفصل :1 ینص ھذا الفصل على أن نظام الحكم بالمغرب ھو “ملكیة دستوریة، دیمقراطیة
برلمانیة واجتماعیة”، ویقوم على مبادئ الحكامة الجیدة و”ربط المسؤولیة بالمحاسبة”. ھذا المبدأ
الأخیر لیس شعارا، بل ھو حجر الزاویة في بناء الثقة بین المواطن والدولة، والآلیة الدستوریة
لضمان نجاعة السیاسات العمومیة. وسیكون ھذا المبدأ ھو العمود الفقري لإسناد المطالبة بالتغییر
السیاسي في نھایة ھذا الملف.
●الفصل :31 یعد ھذا الفصل الركیزة الأساسیة لمطالبنا الاجتماعیة. فھو یلزم الدولة والمؤسسات
العمومیة والجماعات الترابیة، بشكل صریح، بـتعبئة كل الوسائل المتاحة، لتیسیر أسباب استفادة
المواطنات والمواطنین، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعنایة الصحیة، والحمایة
الاجتماعیة والتغطیة الصحیة، والحصول على تعلیم عصري میسر الولوج وذي جودة”. إن
استخدام المشرع الدستوري لعبارة “تعبئة كل الوسائل المتاحة” ینفي أي عذر یتعلق بنقص
الموارد ویضع على عاتق السلطات العمومیة واجب ضمان فعلیة ھذه الحقوق.
الفصل :33 یخاطب ھذا الفصل الشباب المغربي مباشرة، حیث یلزم السلطات العمومیة بـ”اتخاذ
التدابیر الملائمة لتحقیق… مساعدة الشباب على الاندماج في الحیاة النشیطة والجمعویة، وتقدیم
المساعدة لأولئك الذین تعترضھم صعوبة في التكیف المدرسي أو الاجتماعي أو المھني”. ھذا
لیس مجرد توصیة، بل ھو إلزام دستوري واضح ومباشر للدولة، وأي تقصیر في تنفیذه یعد
إخلالا بالالتزامات الدستوریة تجاه شریحة تمثل مستقبل الأمة.
إن تأسیس مطالبنا على ھذه الفصول الدستوریة ینقل الحوار من منطق التوسل وتقدیم الالتماسات إلى
منطق المطالبة بالحقوق وتفعیل الالتزامات الدستوریة للدولة.

1.2 الرؤیة الملكیة للتنمیة
تنسجم مطالبنا بشكل كامل مع الرؤیة الاستراتیجیة للتنمیة التي یعبر عنھا جلالة الملك. فالخطب الملكیة
السامیة ما فتئت تشدد على ضرورة إحداث قطیعة مع أسالیب التدبیر القدیمة والدعوة إلى “الجدیة” كمنھج
للحكم والتنمیة. إن الدعوة الملكیة لإعداد “نموذج تنموي جدید” كانت في جوھرھا إقرارا بحدود النموذج
السابق وحاجة البلاد الملحة إلى رؤیة جدیدة ومیثاق وطني متجدد.
عندما نطالب بإصلاح الإدارة، ومحاربة الفساد، وتجوید الخدمات العمومیة، فإننا نتجاوب مع الدعوات
الملكیة المتكررة التي تشخص بدقة نفس الأعطاب التي نعاني منھا: البیروقراطیة، وضعف التنفیذ، وغیاب
الفعالیة. وبالتالي، فإن ھذا الملف المطلبي یجب أن یقرأ لیس كوثیقة معارضة، بل كمبادرة عملیة ومواطنة
لتعبئة وطنیة شاملة من أجل تحقیق الإصلاح المنشود.
ثانیا : تشخیص الواقع :ھوة الإنجاز وجذور أزمة الثقة
إن أزمة الثقة التي یشعر بھا الشباب المغربي تجاه المؤسسات لیست ولیدة انطباعات ذاتیة أو
عدمیة، بل ھي نتیجة منطقیة لفجوة عمیقة ومتنامیة بین الوعود الرسمیة والواقع المعیش. إن ھذه الفجوة
ھي التي تغذي أزمة الثقة العمیقة، والتي لم تعد مجرد انطباع عام، بل حقیقة تؤكدھا الأرقام. فقد أظھرت
أحدث الاستطلاعات المتخصصة (المركز المغربي للمواطنة، سبتمبر 2025) أن الثقة في الأحزاب
السیاسیة قد انھارت لتصل إلى حوالي %5 فقط، بینما تظل الثقة في الحكومة لدى فئة الشباب في مستویات
متدنیة للغایة تقارب %16 (مجلة Challenges SocioEconomic 2025(، مما یكشف عن قطیعة
شبھ تامة مع المؤسسات. ھذه الفجوة موثقة بدقة في التقاریر الصادرة عن مؤسسات الدولة نفسھا، والتي
تقدم تشخیصا صریحا للأعطاب البنیویة التي تعیق مسار التنمیة في بلادنا.
2.1خلاصات التقاریر الوطنیة الكبرى : إقرار رسمي بالفشل
لقد قامت الدولة المغربیة، في لحظات مفصلیة، بمراجعات نقدیة شجاعة لمسارھا التنموي. وتشكل ھذه
التقاریر الرسمیة مرجعیة أساسیة لفھم جذور المشاكل الحالیة، وتؤكد أن الإخفاقات التي نشیر إلیھا لیست
اكتشافا جدیدا، بل ھي أعطاب بنیویة تم تشخیصھا مرارا وتكرارا دون أن تجد طریقھا إلى الحل.
●تقریر الخمسینیة (50 سنة من التنمیة البشریة) : شكل ھذا التقریر، الذي صدر في منتصف
العقد الأول من الألفیة، وقفة تاریخیة لتقییم نصف قرن من التنمیة. وقد خلص إلى أن مستقبل
المغرب یرتكز على قدرتھ على مواجھة تحدیات حاسمة في مجالات المعرفة، والإدماج
الاجتماعي، والحكامة. العدید من الاختلالات التي شخصھا التقریر آنذاك، خاصة فیما یتعلق
بالتفاوتات الاجتماعیة وضعف الحكامة، لا تزال قائمة، مما یطرح سؤالا جوھریا حول قدرة
السیاسات العمومیة المتعاقبة على استیعاب الدروس وتنفیذ الإصلاحات.
●النموذج التنموي الجدید : جاء ھذا التقریر كإقرار رسمي بأن النموذج المعتمد سابقا قد وصل
إلى حدوده. وقد شخص التقریر بوضوح وجود “معیقات نسقیة وكوابح في وجھ التنمیة” ووضعیة
“تختلط فیھا المكاسب ومظاھر الخصاص”. كما دعا إلى “نھضة تربویة” حقیقیة وإلى بناء
“اقتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق قیمة مضافة ومناصب شغل ذات جودة”. إن مجرد الدعوة
إلى نموذج “جدید” ھو في حد ذاتھ اعتراف بأن النموذج “القدیم” قد فشل في تحقیق طموحات
المغاربة، وخاصة الشباب.
2.2مؤشرات الأداء القطاعي : الحقیقة بالأرقام
تتحول الخلاصات العامة للتقاریر الكبرى إلى حقیقة مرة عندما ننظر إلى الأرقام والمؤشرات الصادرة
عن الھیئات الرسمیة المتخصصة. ھذه الأرقام لا تكذب، وھي ترسم صورة قاتمة لواقع یبتعد بشكل متزاید
عن الرؤیة الطموحة للدولة.
●بطالة الشباب : تكشف أرقام المندوبیة السامیة للتخطیط عن أزمة حقیقیة. فمعدل البطالة في
صفوف الشباب الذین تتراوح أعمارھم بین 15 و 24 سنة بلغ %36.7 وحاملي الشھادات
(19,6%) في سنة ،2024 وھي نسبة كارثیة بكل المقاییس.
●سوء تدبیر الخدمات العمومیة : تقدم تقاریر المجلس الأعلى للحسابات تشخیصا دقیقا وموثقا
لسوء التدبیر في قطاعات حیویة كالصحة، حیث تشیر إلى نقص حاد في الموارد البشریة، وسوء
توزیعھا الجغرافي، وضعف التخطیط الاستراتیجي.
●استشراء الفساد: یؤكد التقریر السنوي للھیئة الوطنیة للنزاھة والوقایة من الرشوة ومحاربتھا
لسنة 2023 استمرار “الوضعیة غیر المرضیة للفساد ببلادنا”. كما یشیر إلى تراجع المغرب
في مؤشر مدركات الفساد بخمس نقاط خلال السنوات الخمس الأخیرة.
إن التقاطع بین ھذه المعطیات یكشف عن حقیقة بنیویة: الدولة المغربیة تمتلك رؤیة طموحة للتنمیة، كما
ھو مجسد في الدستور والنموذج التنموي الجدید. وفي نفس الوقت، تنتج ھیئاتھا الرقابیة والإحصائیة
تقاریر مفصلة تظھر واقعا مغایرا تماما، یتسم بالفشل المنھجي، وعدم المساواة، والفساد. الاستنتاج المنطقي
لیس أن الرؤیة خاطئة، بل أن ھناك فشلا كارثیا في الحكامة، وفي تنفیذ السیاسات، وفي الإرادة السیاسیة
لدى الجھاز التنفیذي. ھذه الھوة بین الرؤیة والتنفیذ ھي المصدر الرئیسي لأزمة الثقة بین الشباب
ومؤسسات الدولة، وھي التي تجعل كل الوعود بالإصلاح تبدو جوفاء. إن المطالب الواردة في ھذا الملف
تھدف بشكل أساسي إلى ردم ھذه الھوة عبر حلول عملیة ومساءلة حقیقیة.

ثالثا: المطالب الجوھریة بناء دولة العدالة الاجتماعیة وتكافؤ الفرص
استنادا إلى المرجعیة الدستوریة والتشخیص الموضوعي للواقع، نقدم مطالبنا الجوھریة كحلول عملیة
وضروریة لمعالجة الأزمات البنیویة في القطاعات التي تمس حیاة كل شاب وشابة في المغرب. ھذه
المطالب لیست قائمة أمنیات، بل ھي خریطة طریق لتفعیل الحقوق المكفولة دستوریا وتحقیق الأھداف
التي سطرتھا الدولة لنفسھا.
3.1منظومة صحیة تحفظ الكرامة وتضمن الحق في العلاج
الوعد الدستوري: یضمن الفصل 31 من الدستور الحق في “العلاج والعنایة الصحیة”.
الواقع المریر: یكشف رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبیئي (نونبر 2024) عن حقیقة صادمة:
8.5 ملیون مواطن ومواطنة لا یزالون خارج دائرة الاستفادة الفعلیة من الحمایة الصحیة. وتؤكد تقاریر
المجلس الأعلى للحسابات أن ھذه النتیجة ھي حصیلة منظومة صحیة تعاني من أمراض مزمنة. یسجل
تقریر 2021 “تراجعا في كثافة أطباء القطاع العام” وعجزا في الموارد البشریة، وتفاوتا صارخا في
توزیعھا الجغرافي، مما یجعل الولوج إلى العلاج حقا نظریا للعدید من المواطنین. كما یشیر تقریر -2019
2020 إلى “نقص في الموارد المالیة والبشریة، وعدم ملاءمة البنیة التحتیة ” واختلالات عمیقة في
الحكامة. الوضع أكثر كارثیة في مجال الصحة النفسیة، حیث لا تتجاوز القدرة الاستیعابیة 2,466 سریرا
في القطاع العمومي، أي بمعدل 6.86 سریر لكل 100,000 نسمة، وھو معدل بعید كل البعد عن
المعاییر الدولیة وعن ھدف مخطط الصحة 2025 (10 أسرة لكل 100,000 نسمة).
المطالب:
.1 إصلاح حكامة القطاع: نطالب بالتطبیق الفوري لتوصیات المجلس الأعلى للحسابات عبر إرساء
نموذج حكامة شفاف وقائم على الأداء في قطاع الصحة، مع آلیات مساءلة واضحة تربط
المسؤولیات بالنتائج.
.2 خطة استعجالیة للرأسمال البشري: إطلاق مخطط وطني عاجل لتكوین وتوظیف واستبقاء الأطر
الصحیة، مع وضع تحفیزات مادیة ومعنویة حقیقیة للعمل في المناطق النائیة، لمعالجة الخلل
الخطیر في التوزیع الجغرافي الذي وثقھ المجلس الأعلى للحسابات.
.3 أولویة في المیزانیة: الرفع من میزانیة قطاع الصحة لتصل إلى المستویات الموصى بھا من
طرف المنظمات الدولیة، مع توجیھ الإنفاق نحو الرعایة الصحیة الأولیة، وتحدیث المستشفیات
و تجھیزھا، ووضع خطة وطنیة شاملة للصحة النفسیة والعقلیة. وضع حد لسیاسة إھمال قطاع
الصحة العمومي لفائدة القطاع الخاص.
4.مراجعة التعریفة المرجعیة ووقف استنزاف جیوب المواطنین: إطلاق مراجعة شاملة وعاجلة
للتعریفة المرجعیة الوطنیة ( TNR (لجعلھا متوافقة مع التكالیف الحقیقیة للخدمات الطبیة. الھدف
ھو خفض نسبة المصاریف التي یتحملھا المواطنون مباشرة من جیوبھم، والتي تصل حالیا إلى
ً (%25)، لكي لا یبقى التأمین الصحي شكلیا. إضافة إلى
،50% إلى السقف الموصى بھ دولیا
ضمان التعمیم الفعلي للتغطیة الصحیة بمراجعة معاییر التأھیل للاستفادة من التأمین الصحي
الإجباري تضامن.
3.2ثورة تربویة من أجل رأسمال بشري مؤھل ومبدع
الوعد التشریعي: یھدف القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربیة والتكوین والبحث العلمي إلى
إرساء “مدرسة جدیدة مفتوحة أمام الجمیع، تتوخى تأھیل الرأسمال البشري، مستندة إلى ركیزتي المساواة
وتكافؤ الفرص من جھة، والجودة للجمیع من جھة أخرى”.
الواقع المأزوم: یصف النموذج التنموي الجدید الوضع بوضوح عندما یدعو إلى “نھضة تربویة”، وھو
إقرار بأن المنظومة الحالیة تعاني من اختلالات عمیقة. فحتى تطبیق القانون الإطار یسیر ببطء شدید
ویواجھ تحدیات كبیرة، مما یجعلھ حبرا على ورق في العدید من جوانبھ. كما أن دعوة النموذج التنم وي
صراحة إلى “إدماج تعلم اللغات الحیة والتقنیات الحدیثة في كل المسارات التعلیمیة من الابتدائي إلى
الجامعي”، لا یزال ھدفا بعید المنال. كما أن الھدر المدرسي الذي یبلغ أرقاما مھولة لا زال یشكل أكبر
تحدي أمام ضمان تعمیم التعلیم وجودتھ ونجاعتھ.
ویتفاقم ھذا المأزق في قطاع التعلیم العالي، الذي یعاني من تغییرات متتالیة یتم فرضھا بشكل فوقي دون
إشراك حقیقي للأساتذة والطلبة. یضاف إلى ذلك الخصاص المھول في البنیة التحتیة والموارد البشریة،
وعدم قدرة العرض الجامعي العمومي على مواكبة الطلب المتزاید، مما یؤد ي إلى اكتظاظ كارثي یضرب
في الصمیم جودة التكوین.

المطالب:
.1 تفعیل المقتضیات الإیجابیة للقانون الإطار 51.17 :
نطالب بوضع خارطة طریق واضحة،
محددة زمنیا، وممولة بالكامل، لتطبیق المقتضیات الإیجابیة للقانون الإطار، والانتقال من
منطق المشاریع التجریبیة المحدودة إلى التغییر المنھجي والوطني، ووقف سیاسة خوصصة
التعلیم التي أدت إلى تخریب المدرسة العمومیة.
.2 تحدیث جذري للمناھج: تفعیل “اللجنة الدائمة لتجدید وملاءمة المناھج والبرامج” للقیام
بمراجعة جذریة للمناھج الدراسیة، والتركیز على تنمیة الفكر النقدي، والمھارات الرقمیة،
والتربیة على المواطنة، والكفاءات العملیة التي یتطلبھا القرن الواحد والعشرون، كما أوصى
بذلك النموذج التنموي.
.3 تمكین ھیئة التدریس: الاستثمار المكثف في التكوین الأساسي والمستمر، والتطویر المھني،
وتحسین الأوضاع المادیة والاجتماعیة لنساء ورجال التعلیم، باعتبارھم المحرك الأساسي
لأي إصلاح تربوي ناجح.
.4 میثاق وطني لإصلاح التعلیم العالي: وضع میثاق وطني مستقر ومحدد زمنیا لإصلاح التعلیم
العالي، قائم على حوار وطني شامل یشرك فعلیا الأساتذة والطلبة والخبراء، لوضع حد لحالة
التخبط والتغییرات المستمرة وغیر المدروسة التي تضر بمستقبل أجیال من الخریجین.
3.3اقتصاد منتج یوفر الشغل اللائق ویحرر طاقات الشباب
الوعد التنموي: یطمح النموذج التنموي الجدید إلى بناء “اقتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق قیمة مضافة
ومناصب شغل ذات جودة”.
الواقع الصادم: الأرقام الصادرة عن المندوبیة السامیة للتخطیط لسنة 2024 ترسم صورة قاتمة. معدل
البطالة الإجمالي بلغ ،%13.3 لكنھ یقفز إلى %36.7 في صفوف الشباب ( 24-15 سنة) و%21.0
في صفوف الفئة العمریة ( 34-25 سنة). والأخطر من ذلك، أن الاقتصاد المغربي یفقد مناصب الشغل
في قطاعات حیویة كالفلاحة والغابة والصید (137,000- منصب بین 2023 و2024).
تبرز ھذه الأرقام مفارقة خطیرة: ففي الوقت الذي تدفع فیھ الدولة الشباب نحو التكوین المھني كحل
للبطالة، نجد أن معدل البطالة في صفوف حاملي شھادات التأھیل المھني سجل أحد أھم الارتفاعات (1.5+
نقطة) لیصل إلى .%23.9 ھذا یدل على وجود شرخ عمیق بین مخرجات نظام التكوین وحاجیات اقتصاد
راكد ومنخفض القیمة المضافة. المشكلة لیست فقط في نقص المؤھلات، بل في غیاب بنیة اقتصادیة قادرة
على استیعاب المھارات التي تنتجھا. إن الاستمرار في توجیھ الشباب نحو ھذه المسارات دون إصلاح
بنیة الاقتصاد ھو بمثابة إعدادھم للبطالة المستقبلیة.


المصدر: المندوبیة السامیة للتخطیط، وضعیة سوق الشغل 2024


المطالب:
.1 إعادة توجیھ استراتیجي للاقتصاد:
نطالب الحكومة بالتطبیق الفعلي لتوصیات النموذج التنموي
الجدید المتعلقة بتحویل الاقتصاد نحو قطاعات ذات قیمة مضافة عالیة (التكنولوجیا، الاقتصاد
الأخضر، الصناعات المتقدمة)، وذلك عبر استثمارات موجھة، وحوافز ضریبیة، وإزالة العقبات
البیروقراطیة أمام الشركات الناشئة
.2 قانون لدعم ریادة الأعمال لدى الشباب: اقتراح قانون وطني شامل لدعم المقاولة لدى الشباب،
یوفر الولوج إلى التمویل الأولي، والإرشاد، والمواكبة، ویضمن مساطر إداریة مبسطة ومحفزة.
.3 إصلاح سوق الشغل: إصلاح قوانین الشغل لتوفیر حمایة أكبر للشباب وتشجیع التوظیف
الرسمي، وملاءمة برامج التكوین المھني مع الحاجیات المستقبلیة لاقتصاد حدیث ومبتكر، ولیس
مع الواقع الحالي لاقتصاد راكد.

3.4استئصال الفساد وتكریس الحكامة الرشیدة
الوعد الدستوري: یكرس الدستور مبادئ الحكامة الجیدة، وربط المسؤولیة بالمحاسبة، والنزاھة في تدبیر
الشأن العام.
الواقع المقلق: یؤكد تقریر الھیئة الوطنیة للنزاھة والوقایة من الرشوة ومحاربتھا لسنة 2023 أن الفساد
أصبح “واقعا بنیویا” في المغرب. وقد تراجع ترتیب المغرب في مؤشر مدركات الفساد بشكل مستمر.
وتشخص الھیئة نفسھا أسباب فشل الاستراتیجیة الوطنیة لمكافحة الفساد في “غیاب ترسیخ منھجیة لتحدید
الأولویات”، و”ھیمنة التدبیر القطاعي”، و”محدودیة منظومة حكامتھا”. ھذا یعني أن المقاربة المعتمدة من
طرف الحكومة كانت مجزأة وتفتقر إلى الإرادة السیاسیة والتنسیق الفعال. وتترجم ھذه المحدودیة عملیا
في قرارات سیاسیة تفرغ مكافحة الفساد من محتواھا، كسحب مشروع قانون تجریم الإثراء غیر المشروع،
وتعطیل آلیات الرقابة البرلمانیة عبر رفض تشكیل لجان تقصي الحقائق في ملفات حساسة.
المطالب:
.1 تمكین ھیئات الرقابة: ضمان الاستقلالیة السیاسیة والمالیة الكاملة للھیئة الوطنیة للنزاھة
والمجلس الأعلى للحسابات، وإلزام الحكومة والجھاز القضائي بالتفعیل الفوري لتوصیاتھما
وقراراتھما وإحالة كل ملفات الفساد التي تم إثباتھا على القضاء مباشرة.
.2 شفافیة الصفقات العمومیة: تطبیق نظام رقمي وشفاف بالكامل للصفقات العمومیة، یغلق كل
منافذ المحسوبیة والزبونیة، وھو مجال یعتبر من أھم بؤر الفساد
.3 استقلالیة القضاء وتفعیل المحاسبة: تعزیز استقلالیة القضاء في معالجة قضایا الفساد الكبرى،
وفي نفس الوقت، تفعیل آلیات المحاسبة الداخلیة عبر تقویة دور المفتشیة العامة للشؤون القضائیة
ومنحھا صلاحیات التحقیق الاستباقي.
.4 شفافیة ثروات المسؤولین: تفعیل وتوسیع نظام التصریح الإجباري بالممتلكات لیشمل جمیع
كبار المسؤولین في الدولة، بشكل دوري، مع إخضاع تصریحاتھم لرقابة دقیقة ونشر خلاصاتھا
للعموم.
.5 تجریم الإثراء غیر المشروع: الإخراج الفوري والكامل لقانون الإثراء غیر المشروع إلى حیز
الوجود، ووضعھ على رأس أولویات الأجندة التشریعیة. إن غیاب ھذا القانون یمثل أكبر ثغرة
في المنظومة القانونیة لمكافحة الفساد، ویفرغ كل الإجراءات الأخرى من فعالیتھا طالما أن
إخفاء الثروات المنھوبة یبقى ممكنا قا نونیا.
3.5دولة القانون وحمایة الحریات العامة
الوعد الدستوري: یكفل الدستور في فصلھ 29 “حریة الاجتماع والتجمھر والتظاھر السلمي”. كما
أن الاختیار الدیمقراطي ھو أحد ثوابت الأمة الجامعة التي لا یمكن المساس بھا (الفصل .1) علاوة
على كل مقتضیات الدستور المتعلقة بحقوق الانسان والحریات الاساسیة المستندة إلى توصیات ھیئة
الإنصاف والمصالحة.
ً الواقع المؤلم: شھدت الأحداث التي انطلقت في 27 سبتمبر 2025 نحو المقاربة
ً خطیرا
انزلاقا
الأمنیة في التعامل مع الاحتجاجات السلمیة للشباب. وثقت منظمات حقوقیة وطنیة ودولیة الاستخدام
ً إلى حوادث مأساویة مثل
المفرط للقوة، والاعتقالات غیر المبررة التي طالت مئات الشباب، وصولا
ً للحقوق الدستوریة،
دھس شاب في مدینة وجدة مما أدى إلى بتر ساقھ. ھذا الواقع لا یمثل فقط خرقا
بل یقوض عقد الثقة بین الشباب ودولتھم، ویضرب في الصمیم الاختیار الدیمقراطي للبلاد.

المطالب:
.1 تحقیق مستقل ومحاسبة: فتح تحقیق قضائي مستقل ونزیھ في جمیع الانتھاكات التي شابت التعامل
مع الاحتجاجات، بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة وحادثة وجدة، ومعاقبة كل من ثبت تورطھ
ً لمبدأ ربط المسؤولیة بالمحاسبة.
في ھذه الانتھاكات تفعیلا
.2 إطلاق سراح معتقلي الرأي: الإفراج الفوري عن جمیع الشباب المعتقلین على خلفیة مشاركتھم
في التظاھرات السلمیة، وضمان حقھم في محاكمات عادلة وكذا إطلاق سراح كل معتقلي الرأي
وعلى رأسھم معتقلي حراك الریف
.3 ضمان الحق في الاحتجاج السلمي وحریة التعبیر: التزام الحكومة والمؤسسات الأمنیة بضمان
ممارسة الحق الدستوري في التظاھر السلمي، ووضع حد نھائي للمقاربة القمعیة التي لا تزید إلا
من تفاقم أزمة الثقة. احترام حریة التعبیر وحریة الصحافة كحق أساسي من حقوق الإنسان وآلیة
لا محید عنھا لمكافحة الفساد والتمكین من المحاسبة.
رابعا : تفعیل المسؤولیة السیاسیة :شرط لازم للانتقال نحو مغرب أفضل
إن ھذا الملف المطلبي لیس مجرد سرد للمشاكل، بل ھو بناء منطقي وحجة متكاملة تصل إلى نتیجة
حتمیة. لقد أظھرنا، بالاستناد إلى أسمى المرجعیات في البلاد، أن ھناك فجوة عمیقة بین الوعود والواقع.
وأثبتنا، بالاعتماد على تقاریر مؤسسات الدولة نفسھا، أن الفشل لیس عرضیا أ و قطاعیا، بل ھو فشل
منھجي وشامل یمس كل المجالات الحیویة التي تشكل مستقبل الشباب.
لقد فشلت الحكومة الحالیة في الوفاء بالتزاماتھا الدستوریة المنصوص علیھا في الفصل .31 وفشلت في
ترجمتھا إلى سیاسات عمومیة ناجعة. وفشلت في تحقیق الأھداف الاستراتیجیة التي سطرھا النموذج
التنموي الجدید. إن تقاریر المجلس الأعلى للحسابات، والمندوبیة السامیة للتخطیط، والھیئة الوطنیة
للنزاھة، لیست مجرد وثائق إداریة، بل ھي بمثابة شھادات رسمیة وموثقة على ھذا الفشل.
وھنا نصل إلى جوھر العقد الدستوري. ینص الفصل الأول من الدستور على مبدأ “ربط المسؤولیة
بالمحاسبة”. إن مسؤولیة الحكومة ھي تدبیر شؤون الدولة وتحقیق الحقوق الدستوریة والرؤى الاستراتیجیة
التي فصلناھا في ھذا الملف. وإن آلیات المحاسبة الرسمیة، المتمثلة في تقاریر ھیئات الرقابة، قد قدمت
دلیلا قاطعا على الإخلال بھذه المسؤولیة. وحتى لا یبقى ھذا المبدأ الدستوري حبرا على ورق، لا بد من
تفعیلھ. وفي مواجھة ھذا الفشل المنھجي والموثق، فإن أعلى درجات المحاسبة السیاسیة ھي رحیل السلطة
التنفیذیة المسؤولة.
لذلك، فإن مطلب استقالة الحكومة الحالیة لیس شعارا شعبویا، بل ھو النتیجة المنطقیة والضروریة لتفعیل
الدستور. إنھ شرط لا غنى عنھ لفتح الطریق أمام فریق حكومي جدید، یتمتع بالكفاءة والمصداقیة والإرادة
السیاسیة، قادر على تنفیذ الإصلاحات الواردة في ھذا الملف واستعادة ثقة الشباب في مؤسسات بلدھم. إن
ھذا المطلب ھو التفعیل الأسمى لروح دستور .2011
الخاتمة : أمانة المستقبل والتزام بالبناء
نختتم ھذا الملف المطلبي بتجدید تأكیدنا على التزامنا الراسخ بمستقبل المغرب. ھذه الوثیقة ھي خارطة
طریق جادة، بناءة، وعاجلة من أجل تجدید وطني. إنھا لیست نھایة لمسار، بل ھي بدایة لفصل جدید من
المواطنة الفاعلة والیقظة، نقدمھا بأمل كبیر في أن نرى مغربا یلیق بطموحات شبابھ وتاریخھ العظیم.